Saturday, July 30, 2011

مَوعِدُكَ فِي القُدَّاس


القداس موعدٌ لك مع الرب! في الحياة الإجتماعية لا يذهب أحد الى موعد متأخِّرًا. يُعتَبَرُ هذا أنك لست جدِّيًّا بالتعامل مع من ٱرتبطت معه بموعد أو أنك غير مشتاق اليه، وتجعله ينتظر ويتحسَّر على أوقات أضاعها بانتظار. لماذا عند بدء الصلاة في أحد أو عيد لا نجد غير ثلاثة من الناس أكثرهم من النساء المسنَّات؟ ألا يعني هذا أن هذه الكلمات التي يتلوها الكاهن أو يرتِّلُها المرتل لا تهمّ الذين تغيّبوا لِعِلَلٍ غَيرِ ممدوحة؟ كانوا في بيوتهم يحتسون القهوة أو يتناولون فُطورًا أو يستمعون الى الأخبار. ناموا قبل ليلة وٱستيقظوا كما في بقية اليوم. هل يقولون في أنفسهم: القداس جارٍ "فينا وبلانا"؟ نأخذ نصيبنا منه بعد تباطؤ. هؤلاء لا يعلمون أن المسيح ينتظرهم في كنيسته وأن الكلمات التي رُتِّب بها القداس إنما رتَّبها الأقدمون محبةً للناس الحاليين حتى ينمُوا بمحبة الله ويَصِلُوا الى أعماق المسيحية. لماذا لا يعلمون أن السيّد يُحبُّ الذين حضروا منذ البدء والذين تأخَّروا على ألا يتأخروا. هو يغفر لهم ضعف همّتهم وقلّة حماستهم حتى يكسبوا الحماسة ويتجدَّدُوا بالمعرفة ولا يُفوِّتُوا عليهم كلمة نافعة.
مرة دخلتُ كنيسةً في صلاة الغروب في الوقت المحدَّد، ولاحظتُ أن الصلاة ٱبتُدِئَ بها قبل موعدها بدقيقتين أو ثلاث. هذه يُقرَأُ فيها مزمور الغروب. قلتُ للكاهن في نهاية الخدمة: ضيَّعتَ على الذين يجيئون في الوقت المحدد عدَّة آيات من المزمور كان يمكن أن تساعدهم على الخلاص. ربما كانت توبتهم متعلّقة ببعض كلمات لم يسمعوها. هو الشوق ناقص عند بعض منّا. أنت إن أحببتَ المسيح تُفتّش عن ظهوره، وظهورُه في القداس الإلهي عظيم. هو القائل: "الكلام الذي أُكلّمكم به نور وحياة". ألا تريد النور؟ ألست تريد الحياة؟ أنت لا تُفَبرِكُ دينًا لنفسك. أنتَ تأخذ الدين الذي ورثته من آبائك وأجدادك. والدِّينُ المسيحيُّ الذي أنت عليه قلبُه الصلاة وقلبُ الصلاة القداس.
وأَرجو ان تكون عالمًا بأن القداس هيكليَّة كاملة فلا تأخذ جزءًا وتترك جزءًا. إيضاحًا لذلك أقول: كيف تستطيع أن تصل بعد الإنجيل؟ ألا تكون قد حاولت أن تُقنِعَ نَفسَك بأن ما قُرِئَ على المؤمنين لك أنت أن تستغني عنه. والرسالة، مَن قال إنها لا تنفع بنيانك الروحيّ والإنشاد الذي قبلهما؟ كيف تتناول جسد الرب ولا تتناول الإنجيل؟ كل هذا يُعطيك الرب إياه. كل هذا لخلاصك، وبالنتيجة لخلاص أهل بيتك. هؤلاء يُريدونك قويا في الإيمان ونافعًا لهم بالإيمان.
أنت تُحبّهم بما فيك، بما ٱكتسبته من كنيسة الرب. هل أنت تترك لزوجتك أن تعطي أولادك المسيحية ولا تُسهِمُ أنت بإعطاء المسيحية؟ لا تتَّكل على التعليم الدينيّ في المدرسة. بأهمية التعليم أو أهم من التعليم أن تكون المسيحية فيك، في كلامك، في عينيك. تعال لنكون كل أحد معًا، لكي لا تبقى غريبًا عنَّا نحن المصلِّين. نحن وإياك جسد المسيح. لا تُفرِّقنا بغيابك عنا. في الكنيسة نصبح واحدًا. تعال!
+ جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما للروم الأرثوذكس – جبل لبنان